لجنة تطوير برامج إعداد المعلم

لجنة تطوير برامج إعداد المعلم

تطوير برامج إعداد المعلم

مواكبة لرؤية المملكة 2030، ورغبة في تحسين استقطاب المعلمين وتأهيلهم، شرعت وزارة التعليم في تحديث برامج إعداد المعلم بالتعاون مع الجامعات السعودية، حيث شكل معالي وزير التعليم الدكتور أحمد بن محمد العيسى لجنة برئاسته في بداية تسنمه مهام الوزارة، وقاد معاليه بنفسه اجتماعات اللجنة حتى رسم خارطة الطريق لعمل اللجنة، ليعيد معاليه تشكيل اللجنة برئاسة سعادة وكيل الوزارة للشؤون التعليمية بالقرار رقم 35618 وتاريخ 1438/2/9هـ، ثم برئاسة وكيل وزارة التعليم للتعليم (بنين) بموجب القرار رقم 73570 بتاريخ 1438/8/13هـ ثم برئاسة وكيل وزارة التعليم للتخطيط والتطوير بموجب القرار رقم 5117 وتاريخ 1440/1/27هـ.

كان العمل تحت مظلة برنامج التحول الوطني، حيث شُكلت لجان مشتركة بين القائمين على إعداد المعلم في الجامعات وبين مسؤولي التعليم العام، ونفذت اللجان المختلفة ورش عمل عديدة ولقاءات فنية معمقة، شارك فيها عدد من الأكاديميين المتخصصين في الجامعات السعودية ومسؤولي وزارة التعليم، إضافة إلى خبراء دوليين. وعُقد برنامج تدريبي لعمداء كليات التربية لمدة أسبوعين في كلية الدراسات العليا التربوية بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة الأمريكية، لمناقشة الصيغ الفاعلة في تدريب المعلمين قبل الخدمة.

وقد مر العمل بمرحلتين: مرحلة الإطار العام ومرحلة الإطار التنفيذي. وكان من ثمار مرحلة الإطار العام صياغة القرارات الأساسية في سياسة إعداد المعلم، ليبنى عليها عمليات التجديد .

وركزت المرحلة الثانية على الإطار التنفيذي ليوضح الخطوات العملية لتصميم البرامج وتنفيذها في الجامعات، ومن ذلك تحديد المواصفات العامة للبرامج والكفايات التي يتوقع أن يكتسبها الخريجون، وكيف تدار تلك البرامج بما يضمن جودتها، مع ما يلزم من تقديم نماذج من الممارسات الجيدة، سواء أكانت تلك الممارسات منفذة في برامج متميزة عالميًا أم في ممارسات أكدت عليها المعايير التي صدرت عن هيئات اعتماد برامج إعداد المعلم أم في الأدلة والبراهين العلمية. ولا يقتضي وجود الإطار التنفيذي توحيد البرامج في كل الجامعات، بل يتوقع التنوع بين الجامعات وإظهار شيء من التنافس والإبداع في تصميم البرامج وتنفيذها، مع الالتزام بما يحتويه الإطار من مضامين.

 

لماذا تجديد برامج إعداد المعلم

 

شهد التعليم في المملكة العربية السعودية نموًا كميًا مميزًا، ولم يعد هناك توجس من عدم توفر فرص التعليم للجميع؛ فقد بلغ القيد الصافي لعام 2017 نسبة 95.7% في التعليم الابتدائي ونسبة 88.7% في المرحلة المتوسطة، ونسبة 85.4% للمرحلة الثانوية، وهي جميعها نسب منافسة عالميًا. وحظي التعليم العالي بعناية حكومة خادم الحرمين الشريفين منذ مطلع الألفية، ونال نصيب الأسد من الإنفاق الحكومي، ليرتفع عدد الجامعات الحكومية من 8 جامعات في عام 2000 إلى 28 جامعة حاليًا، وقُدِّمت التسهيلات إلى القطاع الخاص ليتجاوز عدد مؤسسات التعليم العالي الأهلية 50 مؤسسة ما بين جامعة وكلية أهلية، في حين لم يكُ هناك أي كلية أو جامعة أهلية في عام 2000. إثر ذلك ارتفع القيد الإجمالي في التعليم العالي من 20.61% في عام 1999 إلى 64.1% في عام 2017؛ الأمر الذي جعل تصنيف المملكة العربية السعودية قريبًا من الدول عالية الدخل (77.13%)، سابقة للفئة العليا من الدول متوسطة الدخل (52%) وفوق المتوسط العالمي (37.9%) (UNESCO, 2018).

وبالرغم من التقدم الكمي، وحجم الإنفاق الحكومي السخي، إلا أن المؤشرات تفيد بأن جودة التعليم في المملكة العربية السعودية أقل من المأمول، بدليل تدني نتائج الطلاب والطالبات في الاختبارات الدولية.  ويشكل انخفاض جودة التعليم تهديدًا للمقدرة التنافسية للمملكة العربية السعودية، حيث تتكئ المنافسة الاقتصادية في هذا العصر على رأس المال البشري المتكون من المعارف والمهارات والقيم التي تُبنى من خلال التعليم، ويشير الدليل البحثي إلى أن جودة التعليم عامل رئيس من عوامل النمو الاقتصادي (Hanushek & Woessman, 2007).

ويمكن القول إن من أهم العوامل التي تقف خلف تراجع جودة التعليم في المملكة العربية السعودية ضعف برامج إعداد المعلم، ومن المؤشرات الدالة على ذلك قلة نسبة المجتازين لاختبار كفايات المعلمين الذي يقدمه المركز الوطني للقياس، ففي عام 1436/1437، كان متوسط درجات المختبرين 43% في الجزء التربوي من الاختبار و37% في الجزء التخصصي، بينما يشترط لاجتياز الاختبار تحقيق 50% في كل من الجزأين.

ولا شك في أن تجديد برامج إعداد المعلم، واتباع سياسة فاعلة لانتقاء المعلمين وتعليمهم؛ تعد حجر الزاوية في إصلاح التعليم، لأن جودة التعليم لا يمكن أن تكون أفضل من جودة المعلمين. وتشير نتائج البحوث الميدانية الرصينة إلى أن المعلم هو من يصنع الفرق في تعلّم التلاميذ، حتى قُدِّر الفرق بعامين في التحصيل الدراسي بين تلميذ يتعلم مع معلم جيد وتلميذ يتعلم مع معلم غير جيد (Goldhaber, 2016)، ولذا تأخذ النظم التعليمية الجيدة (مثل: سنغافورا، وفنلندا، وكوريا) بسياسة صارمة في انتقاء المعلمين ذوي المقدرة المعرفية العالية (Auguste, Kihn, & Miller, 2010; Hanushek, Piopiunik, and Wiederhold, 2014). وعلى سبيل المثال، فإن تحسن التعليم في استوينا والبرتغال كثمرة من ثمار تجديد برامج إعداد المعلم التي جرت هناك، حيث حُول إعداد المعلم من مستوى البكالوريوس إلى مستوى الدراسات العليا، مع زيادة الانتقائية في القبول.

لذلك، تضمنت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ما يؤكد على أهمية التجديد في سياسة إعداد المعلم، حيث نص الهدف الاستراتيجي الثاني ضمن أهداف وزارة التعليم على "تحسين استقطاب المعلمين وإعدادهم وتأهيلهم وتطويرهم"، ونص الهدف الاستراتيجي السابع على "تعزيز قدرة نظام التعليم لتلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل".

وتشترك الأنظمة التعليمية المميزة (Darling-Hammond, & Lieberman, 2012) في العناية بمهنية المعلمين، وخصوصًا ببرامج إعداداهم، حيث تعمل على:

  1. قبول المتقدمين المميزين في برامج إعداد المعلم التي ينبغي أن تكون برامج ذات جودة عالية وجاذبة.
  2. تصميم برامج إعداد المعلم بطريقة تجمع بين النظرية والممارسة العملية من خلال مقررات صممت بتعمق يوظف الخبرات الإكلينيكية في مواقع تدريبية تدعم الممارسات الجيدة.
    ويرى أندرياس شلايكر (Schleicher, 2018) - رئيس قطاع التربية بمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية - أن إعداد المعلم لابد أن يتضمن معرفة بالتخصص وبطرق تدريسه وبخصائص المتعلمين، مؤكدًا على أن برامج إعداد المعلم بطبيعتها تتطلب تكثيف الجانب الميداني حتى يتخرج الطالب المعلم وهو في مستوى مهني عالٍ متسلح بمخزون واسع من التجارب والمشاهدات والمشاركات الفاعلة.